في ظل حالة المراوحة التي تشهدها المفاوضات بين المقاومة في قطاع وغزة والاحتلال، يصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: “إشكالية الطرف الثالث في تسوية الصراع الدولي: حالة طوفان الأقصى”، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية.
وتبرز الورقة أهمية دور “الطرف الثالث” أو الوسيط في النزاعات الدولية، في مساعدة المنخرطين في الصراع على التوصل لتسوية صراعهما، كما تشير إلى أهمية أن يكون الوسيط محايداً ويحظى بثقةٍ ومصداقية من طرفَي النزاع.
ويلخص الباحث دور الوسيط في التواصل مع الأطراف لنقل وجهات نظرهم لبعضهم، بالإضافة إلى تحديد موضوعات الخلافات وموقف كلّ من الطرفين من كلّ موضوع بشكل دقيق، وشرعنة مطالب الأطراف من حيث درجة توافقها مع القانون الدولي والأعراف الديبلوماسية لكي تتحقق عدالة الحلول المقترحة.
وبخصوص المفاوضات الجارية حول إنهاء الحرب في قطاع غزة، أشارت الورقة أن جولات التفاوض بين أطراف الوساطة الثلاثية كشفت عن تباينٍ كبيرٍ بين مخرجات الإرادة الدولية الواسعة ممثلة في التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومخرجات الطرف الثالث في حرب غزة، وهو ما يعكس الوزن الثقيل والفاعل للولايات المتحدة في مخرجات لجنة الوساطة بفعل الخلل في موازين القوى بين مكونات اللجنة من ناحية، وبفعل ثقل الروابط بين أطراف الوساطة وبين طرفَي الصراع: المقاومة و”إسرائيل” من ناحية ثانية.
وخلصت الدراسة إلى ترجيح احتمالات الفشل في أن يحقق الطرف الثالث النتائج المرجوة في هذا الصراع المحتدم منذ سنة. ورأى الدكتور عبد الحي أنه كان من الضروري أن لا تقبل المقاومة ببنية الطرف الثالث، وأن تسعى لإشراك أطراف أخرى تسهم بقدر ما في جعل مسار المفاوضات أكثر توازناً، وتلعب دوراً في المشاركة في تقديم الاقتراحات وكشفِ الطرف الأكثر مراوغة في إيجاد الحلول أو التعاطي الجاد مع مخرجات التفاوض.
ودعا الباحث إلى أن يكون الطرف الجديد متمتعاً بقدر من الاستقلالية في القرار مع وجود علاقات له مع طرفَي الصراع، ورأى أن انضمام دولة مثل تركيا، التي لها علاقات سياسية واقتصادية وأمنية مع “إسرائيل”، للفريق المفاوض كان يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من الطرفَيْن العربيَّيْن نظراً لمساحة الاستقلالية في القرار التركي. وأشار الدكتور عبد الحي أن الفرصة ما تزال قائمة، ويمكن للمجتمع الدولي أن يوفر أطرافاً أخرى، إلى جانب الطرفين العربيَّين، تكون أكثر نزاهة وحيادية واستقلالية، ورأى أن بعض دول الشمال الأوروبي، لها خبرة مهمة في الوساطات الشرق أوسطية، وقادرة على الإسهام في هذا الجانب، بالإضافة إلى الدور الروسي أو الصيني أو حتى البرازيلي.