المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت – إحاطة الظهر اليومية – مكتب المتحدث باسم الأمين العام

المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت – إحاطة الظهر اليومية – مكتب المتحدث باسم الأمين العام

مساء الخير، أيها السيدات والسادة، زملائي الأعزاء.

 

لقد مرت سنة كاملة. 

 

سنة كاملة منذ أن تحول وقف الأعمال العدائية عبر الخط الأزرق إلى تبادل إطلاق نار شبه يومي. ذلك التبادل الذي استمر في التصاعد على مستوى الحجم والنطاق.

 

مرّت سنة من التحذيرات بأن العنف بين لبنان وإسرائيل، على خطورته، سيتصاعد إلى ما هو أسوأ بكثير إذا لم يتم التعامل معه بشكل عاجل.

 

وللأسف، هذا ما حدث بالضبط.

 

في أواخر أيلول / سبتمبر، تبخرت القواعد غير المكتوبة المتعلقة بالردع المتبادل، واختفت معها   المعادلات غير المستقرة للقوة والخطوط الحمراء المعلنة ذاتيًا، عندما تصاعد العنف وأصبح خارج السيطرة.

 

واليوم، يواجه لبنان صراعًا وأزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية.

 

أتواصل معكم بعد ظهر هذا اليوم من بيروت لأقول لكم، بدون تحفّظ، أن الوضع خطير.

 

القصف المستمر أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في لبنان حيث يتكبد عدد هائل من الناس ثمنًا لا يُمكن تصوره من القتلى (أكثر من ألفين) والجرحى فضلاً عن مئات الآلاف من النازحين.

 

فيما يزيد قليلا عن أسبوع واحد، تجاوز عدد القتلى ما شهدناه خلال حرب 2006 التي استمرت شهرًا.

 

وبعد دقائق، سيتحدث زميلي، عمران ريزا، عن العواقب الإنسانية المدمرة والجهود المستمرة للاستجابة للاحتياجات المتزايدة بشكل متسارع.

 

في الوقت نفسه، يواصل حزب الله إطلاق القذائف والصواريخ نحو إسرائيل، مما يمنع عشرات الآلاف من الإسرائيليين من العودة إلى منازلهم.

 

من الواضح أن 7 تشرين الأول / أكتوبر غيّر كل شيء، بما في ذلك تغيير مفهوم التهديد بالنسبة لإسرائيل.

 

لكن ما أريد التأكيد عليه اليوم هو أن استمرار (الموت والدمار الذي شهدناه لغاية الآن) لن يؤدي – ولا يمكن أن يؤدي – إلى تحقيق الأمن أو الأمان. نعم، قد يؤدي إلى انتصارات تكتيكية على المدى القصير، أمّا المكاسب الاستراتيجية على المدى الطويل فستظل بعيدة المنال.

 

الأمر بسيط للغاية: آلة الحرب لا تعالج ولا يمكن أن تعالج القضايا الأساسية التي يمكن تلخيصها بأفضل شكل على أنها تفاعل معقد بين اعتبارات الأمن والسيادة والشواغل المرتبطة بالتراب الوطني.

 

فكما أظهر التاريخ، بما في ذلك التاريخ الحديث، فإن العنف لا يولّد إلا مزيدا من العنف.

 

لذا، فالسؤال الآن: ماذا الذي يمكن عمله؟ 

 

أولاً، يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار كنقطة بداية. هذه هي الطريقة الوحيدة لتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة التي تحدث الآن. هذا الوقف لإطلاق النار سيوفر مجالاً للجهود الدبلوماسية لكي تأخذ مجراها وتنجح.

 

لا يمكن إجراء أي نقاش عقلاني تحت نيران القصف. أودّ من جديد أن أعبّر عن أملي في أن تكون إسرائيل مستعدة الآن لدعم العديد من الدعوات والنداءات المطروحة لهذا الوقف.

 

كما أنه من الضروري أن نضاعف جهودنا جميعًا، بما في ذلك الدول الأعضاء، ونستفيد من النفوذ الذي نملكه مهما كان حجمه لاستغلال تلك “النافذة” دون مزيد من التأخير.

 

ثانيًا، نحتاج إلى خارطة طريق واقعية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 من كلا الجانبين. ويجب أن تشمل هذه الخارطة آليات إنفاذ وتطبيق واضحة. في نهاية المطاف، فإن عدم تنفيذ القرار 1701 على مدى الثمانية عشر عامًا الماضية هو ما أدى إلى الواقع الصعب الذي نشهده اليوم.

 

ثالثًا، بالتوازي، نحتاج إلى رؤية الدولة اللبنانية تعود إلى المعادلة. لقد كانت الحكومة واضحة في دعمها لوقف إطلاق النار وأكدت التزامها الكامل بتنفيذ القرار 1701، وهذا أمر صحيح. لكن لا أستطيع أن أؤكد بما فيه الكفاية: إن وجود الدولة اللبنانية الموحدة والمتمكنة والمجهزة بات ضرورياً للغاية.

 

في الختام، 

 

يعاني الناس على جانبي الخط الأزرق.

 

في لبنان، يموت الناس أو يتشردون أو يعيشون في حالة من الخوف الدائم. كما يشعر المواطنون في شمال إسرائيل بالقلق على سلامتهم، ولا يزالون يتوقون للعودة إلى منازلهم بعد مرور عام على الهجوم الرهيب في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

 

في هذه الأثناء، يحبس الناس في جميع أنحاء المنطقة والعالم أنفاسهم، محذرين من العواقب الكارثية لاندلاع نزاع إقليمي أكبر. نحن نمرّ بأوقات غير طبيعية. الوضع مخيف وغير مستقر. لا يجوز أن نغضّ النظر عنه أو نقبله كوضع طبيعي جديد، لأن ذلك سيكون بمثابة السير نحو ُالهاوية.

 

بعبارة أخرى: يجب أن يتوقف إطلاق النار. نحتاج إلى نافذة الآن. نحتاج إلى مسار للعودة إلى طاولة المفاوضات، حيث يمكن طرح مصالح جميع الأطراف وأخذها بعين الاعتبار، وإيجاد حلول مستدامة والاتفاق عليها.

 

أكرر مجددًا، حان الوقت لوقف إطلاق النار. هناك الكثير على المحك. لنعمل للحدّ من الخسائر.

 

وشكرًا لكم.