أرسل المنتخب الألماني المضيف وحامل اللقب ثلاث مرات إنذارًا شديد اللهجة إلى خصومه بعدما اكتسح نظيره الاسكتلندي 5-1 في المباراة الافتتاحية لكأس أوروبا 2024 لكرة القدم ضمن المجموعة الأولى الجمعة على ملعب أليانتس أرينا في ميونيخ.
وبدأ أصحاب الأرض اللقاء ضاغطين بقوة ساعين إلى اقتناص هدف التقدم بسرعة كبيرة، فيما بدا على المنتخب الاسكتلندي انصياعه أمام هالة المباراة الافتتاحية في البلد المضيف وأمام جمهوره الغفير.
وفي ظل التكتل الدفاعي لدى الضيوف، لم ينتظر “دي مانشافت” لافتتاح التسجيل سوى عشر دقائق عبر مهاجمه الشاب فلوريان فيرتس، بعد أن مرّر له يوزوا كيميش كرة من الجهة اليمنى، فاستقبلها فيرتس على مشارف المنطقة بتسديدة زاحفة على الطاير ارتمى لها حارس اسكتلندا إلا أنها ارتدت من يده مباشرة نحو القائم ثمّ اجتازت خط المرمى (10).
وواصل المنتخب الألماني حامل اللقب ثلاث مرات آخرها في العام 1996، ضغطه الكبير، ومن كرة تقدم منها إيلكاي غوندوغان من وسط الملعب ومررها إلى كاي هافيرتس الذي حافظ على الكرة قبل أن يمررها بدورها إلى موسيالا الذي راوغ مدافعه ببراعة وأطلقها صاروخية أعلى الشبكة (19).
هدأ إيقاع المباراة في النصف الثاني من الشوط الأول، حيث تحوّل رجال المدرب يوليان ناغلسمان نحو الاستحواذ على الكرة، ولم يكد يمرّ ربع ساعة إضافية حتى كاد الألمان يعزّزوا تقدمهم بهدف ثالث إثر كرة عرضية من كيميش تابعها غوندوغان برأسه ليتصدى لها الحارس الاسكتلندي أنغوس غان بصعوبة. وفيما كان غوندوغان يحاول متابعة الكرة تعرّض لخطأ قاس من المدافع راين بورتيوس الذي نزل بقدميه مباشرة على قدمه.
وبعد أن عاد الحكم إلى حكم الفيديو المساعد، احتسب ركلة جزاء مع طرد مباشر لبورتيوس، لينبري مهاجم أرسنال الإنكليزي كاي هافيرتس بنجاح للركلة (44).
وتابع المنتخب الألماني في الشوط الثاني من حيث انتهى في الأول، من خلال الضغط المتقدم، وكاد أنتونيو روديغر يضيف الرابع من تسديدة بعيدة تصدى لها غان.
وكرّر المحاولة ماكسيميليان ميتلشتات من تسديدة قوية من خارج المنطقة لكنها مرّت فوق المرمى (65).
ودكّ نيكلاس فولكروغ بعد خمس دقائق من دخوله من دكة البدلاء مرمى المنتخب الاسكتلندي بهدف رابع، إثر لعبة مشتركة رائعة وصلت لمهاجم بوروسيا دورتموند الذي أطلقها قوية من داخل المنطقة مباشرة داخل المرمى حيث اكتفى الحارس بمشاهدتها تشق طريقها نحو الشباك (68).
وسجّل فولكروغ هدفًا ثانيًا إثر تمريرة من البديل الآخر توماس مولر، إلا أنّ الحكم عاد وألغى الهدف بداعي التسلل بعد العودة إلى حكم الفيديو المساعد.
ونجح المنتخب الاسكتلندي في اقتناص هدف شرفي بعد ضربة حرّة وبمساعدة من مدافع “دي مانشافت” روديغر بعد أن وصلت الكرة إلى رأس جيمس فوريست، ارتطمت بالمدافع الألماني ومن رأسه نحو المرمى (88).
وتابع أصحاب الأرض مهرجان الأهداف وأضاف البديل إيمري دجان الذي استدعيَ بدلاً من ألكسندر بافلوفيتش المصاب بالتهاب اللوزتين قبل يومين فقط من انطلاق البطولة، وذلك بتسديدة رائعة من مشارف المنطقة (90+3).
وهذه المرة الأولى التي تستضيف فيها البلاد بطولة دولية كبرى للرجال منذ نهائيات كأس العالم 2006، وهي تعوّل على عاملي الأرض والجمهور لمحو المشاركة المخيبة في العرس القاري الأخير قبل ثلاثة أعوام عندما خرجت من ثمن النهائي على يد إنجلترا، والكارثية في النسختين الأخيرتين لمونديالي 2018 و2022 عندما خرجت من الدور الأوّل.
وفي النسخة الماضية، تأجّلت كأس أوروبا 2020 لمدة عام بسبب جائحة كورونا، وأقيمت أمام حشود محدودة.
كما نُظّمت في مدن في جميع أنحاء القارة، من إشبيلية الاسبانية إلى عاصمة أذربيجان باكو، فأعاقت هذه العوامل السعي لجعلها بطولة مميّزة لا تُنسى.
هذه المرّة، سيحط جميع المشجعين الرحال في ألمانيا، حيث ستقام المباريات في 10 ملاعب، من هامبورغ في الشمال إلى ميونيخ في الجنوب.
يأمل الألمان في تكرار ما حدث عام 2006، عندما وقع الكثيرون في حب منتخبهم الوطني مرّة أخرى بعد فترة من الركود مماثلة لما عاشوه في السنوات التي سبقت هذه المسابقة.
ويأمل فيليب لام، قائد منتخب ألمانيا الفائز بكأس العالم 2014 ومدير كأس أوروبا 2024 الآن، أن تجمع المسابقة الناس معًا في وقت الانقسام وعدم الوحدة في جميع أنحاء القارة.
وتنطلق البطولة بعد أقل من أسبوع على تحقيق أحزاب اليمين المتطرّف مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي، بينما لا تزال أوروبا تتعامل مع أزمة حرب أوكرانيا.
وقال لام “آمل على الأقل أن تؤدّي كأس أوروبا إلى جعل ألمانيا أكثر وحدة مرة أخرى”.
ومن شأن الأداء الجيّد لألمانيا على أرض الملعب أن يساعد، بالإضافة للتوقعات أكثر إيجابية لرجال المدرب يوليان ناغلسمان الآن عما كانت عليه قبل بضعة أشهر.
وتملك ألمانيا حظوظاً كبيرة في المجموعة الأولى التي تضم المجر وسويسرا، بالنظر إلى جودة صفوفها من صانع الألعاب المخضرم توني كروس إلى النجمين الأصغر سناً فلوريان فيرتس وجمال موسيالا.
وقال موسيالا، صانع ألعاب بايرن ميونيخ، لصحيفة شبورتبيلد “لقد مررنا بمراحل صعبة كمنتخب وطني. لكن شيئًا كبيرًا يمكن أن يحدث هنا”.
ومع ذلك، هناك أسباب وجيهة وراء الرغبة الشديدة لفرنسا وإنجلترا في رفع كأس هنري دولوني عالياً في 14 يوليو/تموز.
تتصدّر فرنسا المنتخبات الأوروبية في تصنيف فيفا (ثانية وراء الأرجنتين)، وبلغت المباراة النهائية للنسختين الأخيرتين لنهائيات كأس العالم، توجت بالأولى في روسيا عام 2018 وخسرت الثانية في قطر عام 2022.
بعد انتقاله إلى ريال مدريد، يتطلع كيليان مبابي إلى التعويض عن الأداء المخيب للآمال في كأس أوروبا الأخيرة، عندما أهدر ركلة ترجيحية في خروج منتخب بلاده على يد سويسرا في ثمن النهائي.
واعترف مدرب فرنسا ديدييه ديشان قائلاً “كيليان هو قائدنا وقائد عظيم، سنحتاج إليه ليكون في أفضل حالاته”.
لم تفز إنجلترا بلقب بطلة أوروبا أبدًا، على الرغم من أنها اقتربت بقوة في عام 2021 عندما خسرت النهائي بركلات الترجيح أمام إيطاليا.
ويتغذى التفاؤل بشأن مستقبلهم هذه المرة على حقيقة أن النجمين هاري كاين، هداف بايرن ميونيخ، وجود بيلينغهام، لاعب بوروسيا دورتموند الألماني السابق وريال مدريد الإسباني الحالي، يجب أن يشعرا وكأنهما في وطنهما على الأراضي الألمانية.
قال لاعب الوسط الإنجليزي ديكلان رايس هذا الأسبوع “نريد أن نصنع التاريخ”، مضيفاً “نقول ذلك طوال الوقت، ولكن في الحقيقة لدينا مجموعة ومدرّب يؤمنون حقًا بصناعة التاريخ، لدينا ثقة في أننا نستطيع الذهاب إلى هناك والقيام بشيء مميّز حقًا”.
وتستهل إنجلترا مشوارها في العرس القاري بمواجهة صربيا الأحد في غيلزنكيرشن، معقل العملاق الألماني شالكه.
سيلتقي المنتخبان الفرنسي والإنجليزي في الدور نصف النهائي إذا تصدرا مجموعتيهما.
شبح الإصابات
احتمالية نجاح إيطاليا التي أوقعتها القرعة في المجموعة ذاتها مع إسبانيا وكرواتيا، في الدفاع عن لقبها تبدو بعيدة بعض الشيء، لكن سيكون من الحماقة استبعادها.
أصر حارس مرمى الأتزوري الأسطوري السابق جانلويجي بوفون على أن “هذا الفريق الإيطالي لا يحظى بالتقدير الكافي وهو تنافسي جدا”.
تعد البرتغال، بطلة عام 2016، منافسًا حقيقيًا حتى لو كان يقودها كريستيانو رونالدو، البالغ من العمر الآن 39 عامًا ويلعب كرة القدم على مستوى الأندية في المملكة العربية السعودية.
النسخة الحالية لكأس أوروبا هي الثالثة منذ توسيع المنافسة إلى 24 منتخبًا، وهي خطوة أتاحت الفرصة لبعض الدول الصغيرة، بينها جورجيا التي ستشارك للمرة الأولى في تاريخها.
ومع ذلك، فإن الإصابات في نهاية موسم طويل أثرت سلباً على بعض اللاعبين البارزين، ويغيب فرنكي دي يونغ، صانع ألعاب برشلونة الإسباني ومنتخب هولندا، عن الملاعب بسبب إصابة في الكاحل، بينما لن يلعب زميله في النادي الكاتالوني روبرت ليفاندوفسكي في المباراة الافتتاحية لبولندا بسبب إصابة في الفخذ.