كلمة نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان والمنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية، عمران ريزا، في المؤتمر الدولي من أجل دعم سكان لبنان وسيادته

كلمة نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان والمنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية، عمران ريزا، في المؤتمر الدولي من أجل دعم سكان لبنان وسيادته

حضرة الرئيس ماكرون، دولة رئيس مجلس الوزراء ميقاتي، أصحاب المعالي والسعادة، والضيوف والزملاء الكرام،

أتقدم بالشكر من دولة الرئيس ماكرون لأنه جمعنا في هذا الوقت الحرج الذي يمر به لبنان. لطالما كانت فرنسا ثابتة في دفاعها عن مصالح لبنان، كما نشهد اليوم مرة أخرى. شكرًا لك، دولة رئيس مجلس الوزراء ميقاتي، على قيادتك في مواجهة أزمة غير مسبوقة.

لا يمكن التشديد بما فيه الكفاية على أهمية وأولوية وقف إطلاق النار بشكل فوري. هذه الدوامة المتصاعدة من الأعمال العدائية يجب أن تتوقف الآن.

 

وكلما استمرت الأعمال العدائية، تعاظمت الاحتياجات الإنسانية وتفاقمت المعاناة. لبنان اليوم على شفير هاوية إنسانية.

ولا يمكننا – بل لا يجب علينا – أن نسمح بحدوث ذلك.

 

اليوم، نحن بحاجة إلى التحرك الملموس، لا الالتزامات الشفهية فحسب. شعب لبنان يتوقّع منا – من المجتمع الدولي، أن نقدّم أكثر من الوعود.

 

الوضع الحالي أسوأ بأشواط مما كنا نتوقّع. لقد قُتل أكثر من 2,500 شخص وجُرح 11 ألف شخص، ونزح أكثر من مليون و400 ألف، بينهم نصف مليون طفل. لقد دُمِّرَت قرى بأكملها، وتفرّقت مجتمعات، وتشرذمت العائلات والأسر – إذ نزح أفرادها ليس فقط داخل البلاد بل أيضًا في سورية والعراق وتركيا وبلاد أخرى.

ومع تصاعد الاعتداءات، يواجه النازحون -وبينهم الكثير من الفئات الأكثر حاجة وضعفاً- احتمالات النزوح المتكرر.

وفي مراكز الإيواء المكتظة، ومع نقص المياه ومستلزمات النظافة الصحية، ترتفع مخاطر انتشار الأمراض. وقد شهدنا تسجيل أول حالة إصابة بالكوليرا في البلاد.

 

وحيث أن النازحين لم يلجأووا جميعاً إلى مراكز الإيواء الجماعية، تواجه المجتمعات المضيفة تبعات باهظة أيضَأ مع استنزاف طاقة الخدمات والموارد المحلية – سواء كانت سبل العيش أو السكن أو الصحة – حدّ الانهيار. وبما أن مئات المدارس الرسمية تحوّلت إلى مراكز إيواء، يواجه الأطفال في لبنان خطر خسارة عامهم الدراسي.

اسمحوا لي أن أكون واضحًا وصريحًا: الوضع الإنساني في لبنان كارثي بالفعل. الأعمال العدائية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية بلغت مستويات خطرة. تواجه مساحات العمل الإنساني قيودًا وصعوبات متزايدة. وتزداد تحديات الاستجابة الإنسانية بسبب نقص الموارد ومحدودية القدرة على الوصول الإنساني من وإلى المناطق المتضررة؛ خاصة في ظل الهجمات المتواصلة على العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستجيبين في الخطوط الامامية والتي تعيق عمل من يسعى إلى تقديم المساعدة.

 

إننا نشهد تجاهلاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي. إن حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني ليست التزامات اختيارية – بل هي واجبات قانونية وأخلاقية وملزمة لجميع الجهات الفاعلة المعنية. يجب الامتثال الكامل للقانون الإنساني الدولي.

 

إن هذه الأزمة تتجاوز الحدود اللبنانية، وتهدد الاستقرار الإقليمي، إلى جانب احتمالها التسبب بموجات هجرة جديدة.

 

لكن على الرغم من فداحة الوضع، فإن إنهاء النزاع لا يزال ممكناً – وهو المسار الوحيد المجدي للأطراف للمضي قدمّا. لكن يجب أن تتوقف الأعمال العدائية أولًا لإفساح المجال لإنجاح الجهود الدبلوماسية.

 

وإلى جانب توفير الإغاثة الإنسانية، فإن تعزيز قدرة السلطات الوطنية والمحلية أمرٌ بالغ الأهمية لاستدامة الخدمات الأساسية. هناك حاجة ماسة إلى التمويل في القطاعات الحيوية الرئيسية مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والطاقة.

وقد أبدت الوزارات اللبنانية عزمًا واضحًا، وتتخذ خطوات جدية لتكريس أطر شفافة وفعالة لحوكمة المساعدات، لكنها بحاجة إلى استثماراتنا المؤسسية طويلة الأمد.

 

وإننا في الأمم المتحدة والفريق القطري للعمل الإنساني في لبنان نجدد التأكيد على التزامنا بدعم الحكومة اللبنانية، بموجب خطة الاستجابة للبنان بقيمة 2.72 مليار دولار والنداء الإنساني العاجل الملحق بها بقيمة 426 مليون دولار.

وإلى حين وقف إطلاق النار، فإن الاحتياجات الإنسانية في لبنان لا تزال تتفاقم بشكل متسارع.

 

السيد الرئيس، دولة رئيس مجلس الوزراء، الضيوف والزملاء الكرام،

إن لبنان يحتاج إلى تضامننا، لكنه يحتاج أيضًا إلى الموارد والجهود السياسية الجدية لاستعادة الاستقرار، بدءًا بوقف إطلاق النار الفوري.

شكرا لكم.