رسالة نخبة من الحقوقيين و المثقفين

رسالة نخبة من الحقوقيين و المثقفين

رسالة نخبة من الحقوقيين والمثقفين ودعاة السلام في العالم العربي

 إلى هيئة للأمم المتحدة

سيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش المحترم

السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة دنيس فرنسيس المحترم

تحية واحترامًا،،،

اتّخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3379 في 10 تشرين الثاني / نوفمبر 1975، القاضي باعتبار “الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”، في ظرف حظي به نضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل حقه في تقرير مصيره باحترام كبير، لاسيّما بعد تحرّر العديد من شعوب وبلدان آسيا وأفريقيا من ربقة  الاستعمار، إثر صدور القرار رقم 1514 من الجمعية العامة للأمم المتحدة، القاضي بإنهاء الكولونيالية في العام 1960، وأصبحت قضية فلسطين، باعتراف أوساط دولية حكومية وغير حكومية، قضية تحرّر وطني لشعب عانى من الاحتلال، لكن الأمم المتحدة، في سابقة خطيرة، ألغت هذا القرار في 16 كانون الأول / ديسمبر العام 1991، مخالفة بذلك المعطيات التي استندت إليها حين اتّخذت هذا القرار التاريخي.

ويعود السبب في التراجع عن توصيف طبيعة الصهيونية العنصرية، إلى اختلال موازين القوى على المستوى العالمي، وانحلال الكتلة الاشتراكية، وهيمنة الولايات المتحدة على العلاقات الدولية، وتفرّدها بالقرار الدولي، الأمر الذي ترك تأثيرًا سلبيًا مضاعفًا على الشعب العربي الفلسطيني، ضحية السياسات التميزيّة العنصرية من جهة، وعلى قضية السلم والأمن الدوليين من جهة أخرى، خصوصًا وأن ثمة شكوكًا مشروعة صاحبت إلغاء القرار 3379 من لدن جميع القوى المحبّة للسلام والمساندة لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وخصوصًا تلك التي تعرف حقيقة الممارسات الإسرائيلية العنصرية في فلسطين.

يا سيادة الأمين العام ويا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة

إن هذا التطوّر الخطير في الوضع الدولي حينذاك وعشية إلغاء القرار 3379، لم يمنع الحركة الحقوقية العالمية وأنصار السلام والتحرر من مواصلة  نضالهم لدعم الشعب العربي الفلسطيني في تقديم أنواع التضامن معه، وإظهار حقيقة الممارسات العنصرية الاستعلائية، وذلك بوعي وإدراك أن تلك الخطوة غير المسبوقة، التي اتّخذتها الأمم المتحدة، تمّت في ظرف ملتبس، حيث ناقضت الأمم المتحدة نفسها، في الوقت الذي كان العالم فيه يشهد على نهج إسرائيل العنصري، وارتفاع وتيرة عمليات الاستيطان والترحيل وقضم الأراضي وإجلاء السكان بصورة ممنهجة لإلغاء الوجود الفلسطيني بالضدّ من الشرعية الدولية وقراراتها، بما فيها قراراي مجلس الأمن 242 لعام 1967 و338 لعام 1973، اللذان يعلنان صراحة على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، حيث لا يجيز القانون الدولي المعاصر ضمّ الأراضي بالقوّة، إضافة إلى أن مجلس الأمن اعتبر قراري الكنيست في  ضم القدس والجولان باطلين ولاغيين. وسبق لمحكمة العدل الدولية أن قررت في العام 2004 أن بناء “جدار العزل” (جدار الفصل العنصري)، باطلًا، وأمرت بتفكيكه وتعويض المتضررين من بنائه. 

الجدير بالذكر، أن إسرائيل ما تزال تتنكّر لقرارات الأمم المتحدة، ولاسيّما للقرار 181 لعام 1947 وقرار حق العودة 194 لعام 1948، إضافة إلى حزمة أخرى من القرارات التي تدين ممارساتها العنصرية وإنكارها لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وهو الأمر الذي واجهته إسرائيل والقوى التي تقف خلفها في “مؤتمر ديربن الدولي” (جنوب أفريقيا) بخصوص العنصرية في العام 2001 ، حيث أدانت فيه نحو 3000 منظمة دولية حقوقية وإنسانية ممارسات إسرائيل العنصرية.

إن ما يدعونا لتوجيه هذه الرسالة إلى هيئة الأمم المتحدة ، هو أن إسرائيل تعلن صباح مساء، أن عقيدتها السياسية هي الصهيونية، وأنها استنادًا إلى هذه العقيدة تقوم بممارسة العدوان اليوم على غزة منذ 8 أشهر، وهو ما شهد الأمين العام على وحشيته وأبدى تعاطفه مع الضحايا إنسانيًا، حيث سقط  ما يزيد عن 150 ألف إنسان ما بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير المرافق الحيوية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات والجوامع والكنائس ودور العبادة، واستهداف الطواقم الطبية وفرق الإغاثة، فضلًا عن قطع الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود وأبسط مقومات الحياة الإنسانية.

 ويتعرّض اليوم أكثر من مليوني إنسان فلسطيني إلى كارثة بشرية غير مسبوقة، وفي حرب إبادة جماعية وحشية، ارتُكبت فيها أبشع أنواع الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحروب، خلافًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولاسيّما لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977، الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلّحة؛ والثاني الذي يتعلّق بحماية ضحايا المنازعات المسلّحة غير الدولية.

إن هذه الممارسات الجديدة القديمة، تجعل من إسرائيل دولة مارقة وخارجة عن القانون الدولي، بل إنها تقف على نحو سافر بالضدّ من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يقرّ بحق الشعوب بتقرير مصيرها، فضلًا عن احترام حقوق الإنسان، وهو موضوع لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، لأنه يتعلّق بصلب العقيدة السياسية لإسرائيل، الأمر الذي يضعها في قفص الاتهام، فضلًا عن قياداتها السياسية والعسكرية، حسب قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية

وقد أخذ العالم يتلمّس على نحو كبير، بما فيه بعض يهود أمريكا وأوروبا والعديد من الأوساط الغربية، ولاسيّما الطلابية والشبابية، خطورة الصهيونية على العالم المتحضّر، بل أصبح الاعتقاد يتّسع وفقًا للمعيار القانوني، أن الصهيونية شكل جديد من أشكال العنصرية ونظام الأبرتايد، الذي لم يعد له وجود كنظام سياسي في العالم بعد انتهاء نظام جنوب أفريقيا العنصري، سوى في إسرائيل. 

وقد انعكس ذلك على ارتفاع رصيد دولة فلسطين، التي صوّت لها مؤخرًا 143 دولة اعترفت بأحقيتها في أن تكون عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، وهو ما أدّى إلى اتّساع نطاق الاعتراف الدولي بها، كما حدث  حين اعترفت إسبانيا وإيرلندا والنرويج، وكأنه ردّ فعل على الممارسات العنصرية الصهيونية.

إننا كمثقفين وحقوقيين ودعاة سلام قائم على العدل في العالم العربي، ننطلق من القيم الإنسانية والحقوقية التي نؤمن بها، ويشاطرنا فيها مثقفين وحقوقيين ودعاة سلام من مختلف أنحاء العالم، نخاطبكم، بحكم مسؤولياتكم، لمراجعة قرارات الجمعية العامة السابقة، بما فيها العدول عن إلغاء القرار 3379، الذي يعتبر الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، واصدار قرار جديد يؤكد هذا المضمون. وتؤكّد حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بدم بارد ودون أي اعتبار قانوني أو أخلاقي أو ديني أو إنساني، على ضرورة، بل ومشروعية مثل هذا المطلب الإنساني الذي يؤكد حقيقة الممارسات العنصرية والعقيدة السياسية التي تبرّرها.

وسنعمل مجتمعين ومنفردين مع منظمات وقوى ومجموعات ثقافية ودول وحكومات، وكل من يعتقد أن الصهيونية وجه جديد للعنصرية المتجسّدة في الممارسات الإسرائيلية التي قامت عليها منذ العام 1948 وإلى اليوم، على تحقيق هذا الهدف، وسنسعى إلى تحقيق المزيد من التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني، ليتمكّن من تقرير مصيره بنفسه، وإقامة دولته الوطنية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللّاجئين، وتعويضه عمّا لحقه من غُبن وأضرار، وما أصابه من دمار وخراب طيلة ما يزيد عن ثلاثة أرباع القرن، وتلك هي مسؤولية دولية عظمى تقع على عاتق الأمم المتحدة وجميع القوى المتنفّذة. 

الموقعون:

  1. د. عبد الحسين شعبان، مفكر وأكاديمي / العراق
  2. أ. ضياء السعدي، نقيب المحامين العراقيين سابقا، ونائب رئيس اتحاد المحامين العرب/العراق
  3. أ. يحيى الواجد، محام، ورئيس مؤسسة آفاق العدالة للدعم القانوني/العراق
  4. أ. د. محمد عبد الغني الحاج قاسم/ أستاذ القانون العام، الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا في فلسطين
  5. أ. د. معتز قفيشة، أستاذ القانون الدولي ورئيس مجلس امناء القانون من أجل فلسطين/ فلسطين
  6. أ. فادي عباس، نقيب المحامين الفلسطينيين
  7. د. عبد الرحيم جاموس، رئيس المجلس الاداري لاتحاد الحقوقيين الفلسطينيين
  8.  الدكتور جورج جبور، رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي(تحت التأسيس)/سورية
  9. د. هيثم مناع، خبير حقوقي/ سورية
  10. د. محمد الحوراني، رئيس اتحاد الكتاب العرب/ سورية
  11. أ. عمر الزين، الأمين العام لاتحاد المحامين العرب سابقا/ لبنان
  12. د. أحمد نزال، أمين عام اتحاد الأدباء اللبنانيين
  13. د. حسن جوني، أستاذ القانون الدولي وخبير لدى المنظمات الدولية والاقليمية/لبنان
  14.  الأستاذ النقيب عبد الرحمن بن عمرو، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب سابقا/ المغرب
  15. الأستاذ النقيب عبد الرحيم الجامعي، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب سابقا/ المغرب
  16. أ. خديجة الرياضي، ناشطة حقوقية، حاصلة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2013/ المغرب
  17. د. عزيز غالي، نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان/ المغرب
  18. أ. أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري
  19. أ. د جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة قناة السويس ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية/مصر  
  20. د. العيدي عوداش، خبير قانون دولي/الجزائر
  21. د. فوزي أو صديق، أستاذ القانون الدولي/الجزائر
  22. أ. عبد الفتاح بوجلة / محام معتمد لدي المحكمة العليا/الجزائر 
  23. أ. سليم قديان، محام معتمد لدى المحكمة العليا /الجزائر 
  24. أ. يحيى أبو عبود، نقيب المحامين الأردنيين/الأردن
  25. أ. د يوسف أحمد مفلح العبادي، عميد كلية الحقوق سابقا ورئيس قسم القانون الخاص حاليا في جامعة عمّان الأهلية/ الأردن 
  26. د. محمد سليم الطراونة، خبير القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني/الأردن
  27. د. خالد شوكات، محاضر وأستاذ زائر في القانون الدولي وحقوق الإنسان في العديد من الجامعات العربية الأوروبية، ورئيس المعهد العربي للديمقراطية /تونس
  28. أ. عبد الباري طاهر، رئيس اتحاد الكتاب اليمنيين ونقيب الصحفيين اليمنيين سابقا/اليمن
  29. أ. عبد النبي العكري، خبير حقوقي/البحرين
  30. د. عبد الحميد دشتي، محام ونائب في مجلس النواب سابقا/ الكويت.

بمبادرة نخبة من حقوقيين ومثقفين ودعاة سلام قائمة على العدل من 30 شخصية من 12 دولة عربية تم تبني رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تشجعه على حث الجمعية العمومية للأمم المتحدة بإصدار قرار جديد يعتبر فيه الصهيونية شكل من أشكال العنصرية.

تالية نص المذكرة وهي مفتوحة لمدة أسبوع (26 يونيو/حزيران الساعة 24 بتوقيت القدس المحتلة) لمن يرغب من الحقوقيين والمثقفين والأكاديميين في العالم العربي الانضمام لها والتكرم بإضافة الاسم والصفة والبلد مع الشكر سلفا.